سوريــة بين مشروعي الإصلاح والخطاب التكفيري
د.نسيب حطيط
لقد أجهضت أميركا وبعض أتباعها من المعارضة السورية مشروع الإصلاح الذي بدأه النظام وعرقلت الحراك الشعبي للتغيير نحو الأفضل، فأعدم الرصاص الذي أطلقه بعض أشباه المشايخ مسار الإصلاح والتغيير ودفع البلاد للفوضى وإنعدام الأمن.
إن للشعب السوري(الحق)بالحرية ومكافحة الفساد وتكافؤ الفرص وهذا أمر لا جدال فيه وهو من واجبات(الدولة) في أي كيان سياسي، بل أن مشروع الدولة يبنى على أساس خدمة المواطن وحماية منظومة العلاقات بين المواطنين إرتكازا على العدالة والمساواة والحرية وإحترام الإنسان، وليس بإلغائه كمواطن وإلحاقه بالعائلة المالكة(كعبد)مقيم يحمل(جنسيتها) ،ومصادرة الوطن والأرض ليصبحا بإسم العائلة أيضا ،ولا مهمشا يختار بين السجن أو التهجير أو السكن في العشوائيات وضواحي البؤس، وليس من شريف يقف بوجه حقوق الشعوب ، بل عليه واجب نصرتها وإرشادها وتوجيه النصح لها ودعمها .
إن سورية بين محوري الإصلاح والتطوير و الخطاب التكفيري الطائفي الذي سيفتح باب التدخل الأجنبي كما يحصل في ليبيا ،حيث أستغاث أحفاد(عمر المختار) مرغمين بأميركا وحلف الناتو بما فيهم إيطاليا التي استعمرت ليبيا وارتكبت بها المجازر،وهذا غير لائق بالثوار وتاريخهم ووطنيتهم ، ويعمل البعض في سوريا للإستعانة بأميركا التي حاصرت سوريا وتحاصرها، أو بفرنسا التي استعمرتهم أو بريطانيا التي اغتصبت فلسطين وأعطتها للصهاينة تعويضا عما اقترفته أوروبا بحقهم وعلى حساب الشعب الفلسطيني.
وهنا نسأل بعض المعارضين المشبوهين ، ونفرق بين معارضة شعبية لها حقوقها ومطالبها المحقة والتي تعبر بسلمية وعقلانية عن حقوقها ،وبين جماعات تستغل مطالب الناس لتطرح افكارا لا علاقة لها بالإصلاح ولا بالتغيير بل تفتح منافذ الفتنة والتخريب والفوضى.
وكمثـال علـى ذلـك:
- ما هو ارتباط التغيير والديمقراطية بالشعارات الطائفية التي رفعت " العلوي بالتابوت والمسيحي لبيروت!!
- ما هو الرابط بين الإصلاح والحرية، وإتهام الدروز بأعراضهم ونسائهم كما قال الشيخ الخليلي في درعا وإهانة سلطان باشا الأطرش وإتهامه بسرقةالثورة السورية ضد فرنسا؟
- ما هو الرابط بين الإصلاح وفتاوى الجهاد والتكفير التي أطلقها الشيخ اللحيدان السعودي بأن العلويين والفاطميين( الدروز و الإسماعيليين ) والشيعة كفار، وقتالهم أولى من قتال إسرائيل!!...وهو الذي حرم المظاهرات نصرة لغزة وضد إسرائيل !!وقد سبقه إلى الفتاوى الطائفية الشيخ القرضاوي ضد الرئيس الأسد وطائفته العلوية.
أليست هذه الشعارات التي أستخدمهاالإحتلال الأميركي لإشعال العراق وتقسيمه الى طوائف ومذاهب وقوميات ليسهل عليه احتلاله ونهب ثرواته!!.
أليست هذه الشعارات التي انهكت لبنان بالحرب الأهلية و تعيق قيام الدولة الواحدة والعادلة حتى الآن!!.
أليست هذه الشعارات التي قسمت السودان بين الشمال ( المسلم)والجنوب(المسيحي)ويمكن أن تقسم ليبيا ودول المغرب العربي بين البربر والعرب والأمازيع والقبائل!!.
اليست هذه الشعارات التي تهدد البحرين ودول الخليج بديلا عن الإصلاح والعيش المشترك والإنماء والتطور!!.
إن الشعوب العربية تعيش بين قمع الأنظمة والعائلات الحاكمة، وبين الغزو والإحتلال الأميركي والإسرائيلي وبين الأفكار السلفية والتكفيرية ،وتعيش هاجس خسارة أحلامها ومستقبلها والتي استبشرت بفجر الحرية والعدالة،ولن يحميها من مصادرة تضحياتها إلا الوعي والعقلانية والوحدة والإصلاح ، وعدم الإنجراف وراء المضللين او أصحاب شهوات السلطة أو إرضاء لطموح البعض عبر مصادرة التضحيات او تشويه الثورات أو حرفها عن مسارها ووطنيتها.
واجبنا جميعا أن نرشد ونوضح ونعمم الوعي لحفظ أوطاننا وشعوبنا حتى لا نحترق جميعا في لهيب الفوضى غير الخلاقة التي بشر بها المحافظون الأميركيون الجدد ،وانساق وراءها بعض(العوام)والأنظمة،وننصح الأخوة في سورية ،الإستفادة من تجربة لبنان عام 2005 ،والأحداث الحالية للتخلص من بعض الفاسدين والإنتهازيين من الحلفاء والمسؤولين ،والذين يمثلون عبئا سياسيا وأمنيا ، ونفتقدهم في اللحظة المفصلية ،ويسرعون بالفرار أوالتبرؤ أو الصمت طلبا للنجاة .!!